في البداية نقلد الآخرين إذ ليس امامنا أفضل من تجارب الذين سبقونا. وليس في ذلك ما يشين بل انها الطريقة الصحيحة ولكن لوقت محدود. في لحظة ما لا بد ان نعمل على إظهار أسلوبنا الذي يميزنا عن البقية. ويتطلب ذلك جرأة الخروج عن المألوف بتطبيق افكار جديدة تنبع منك وتنتمي إليك. بمعنى آخر لا بد ان تتحلى في مرحلة ما بالشجاعة على ان تكون نفسك وليس نسخة من شخص آخر. وكما دربت نفسك على تقليد ما فعله الغير لا بد ان تعلم نفسك أيضا بشكل تدريجي على بناء الثقة بقدرتك على ان تكون أنت. والأمر قد يتفاوت زمنيا بين شخص وآخر بحسب القدرة على كسر حاجز الخوف والتعاطي مع الفشل المحتمل قبل بلوغ نقطة النجاح والتميز. ولا شك اننا جميعا نولد متميزين لأن لكل منا بصمة الاصبع التي لا يشاركنا أحد فيها. ولا بد ان البعض يتساءل عن كيفية الرجوع الى أنفسنا بعد ان نجحنا في التقليد.

الخيال أولاً

مهما أحاطتك الحياة بالقيود يبقى الخيال حراً. هذا لو شئت ان تطلق العنان له ولم تقيده بسلاسل المنطق السائد. في عالم الخيال لا توجد قوانين للجاذبية ولا شيء يمنعك من التحليق والطيران في أية لحظة شئت. عود نفسك على الاسترخاء على سطح القمر. ولا بأس في ان تقوم بين حين وآخر بتناول كوب من الشاي على ظهر سحابة تسير في أية وجهة شئت. خيالك ملكك ولست مضطرا فيه الى مجاملة احد او تجعله أسير التقاليد الشائعة في التفكير. اعتني به وسيعتني بك في اللحظات التي تتطلب الابداع. 

كيف تكون متميزاً

آمن بالتغيير

كلنا يتمنى تغيير شيء في حياته وفي نفس الوقت ليس بوسع أحد ان يتجنب التغيير لأنه أمر يفرضه واقع الحياة علينا. لا بد للصغير ان يكبر، ولا بد من ليل يلي النهار، ولا بد من تغير الفصول، لكن ثمة فارق بين الاستسلام لكل تغيير مفروض وان نتعاطى مع التغيير كشيء يمكننا ان نؤثر في مساره. واذا أردت ان تكون متميزا لا بد أن تبحث عن التغيير باستمرار. يقول رئيس الوزراء البريطاني الراحل ونستون تشرشل: "أن تتحسن يعني أن تتغير ولكي تكون مثاليا عليك أن تتغير في أحيان كثيرة".

آمن بالجنون

الجنون خروج عن المألوف ومخالفة للمنطق السائد. والمجانين هم من صنع التغيير في العالم. وفي ذلك يقول الفيلسوف اليوناني أرسطو: "لم يحدث أبدا أن وجد عبقري من دون مس من الجنون"، لكن مما لا شك فيه أن الجنون اذا اقترن بالمعرفة ليس كالجنون المختلط بالجهل. الأول من شأنه ان يقود الى الابداع والابتكار أما النوع الثاني فوصفة للخراب والدمار. وثمة صلة قوية بين العبقرية والجنون حتى في اللغة. فقد كان العرب قديما يظنون ان الجن يسكن في واد اسمه عبقر. وإذا قيل فلان عبقري فيعني ذلك أنه من سكان ذلك الوادي. 

جرب ما تخافه

ثمة مقولة رائعة تلخص كيف يعيق الخوف تحقيق غاياتنا وهي أن "كل ما نريده يقع في الجانب الآخر من الخوف". ويحث الإمام علي بن ابي طالب على مواجهة الخوف حيث يقول: "إذا هبت امرا فقع فيه فإن شدة توقيه أعظم مما تخاف منه". وبمعنى آخر، اذا خفت من شيء قم بتجربته لأن خوفك منه هو أشد عليك من مواجهته. كثير منا يمضي أياما في قلق من زيارة طبيب الأسنان. وما ان تغادر العيادة حتى تبدأ بالتساؤل إن كان الأمر يستحق فعلا ما عشته من خوف لأجل ساعة انتهت بسلام.

وليست الشجاعة في عدم الإحساس بالرهبة والخوف فالكل تراوده هذه الاحاسيس لكن شجاعة المرء تظهر عندما يرفض الاستسلام للخوف. والتميز بما انه اختلاف لن يتم من دون ان تتحلى بدرجة من الشجاعة.

الإختلاف

كن ممتنا للفشل

لا يوجد معلم يدلنا الى النجاح كالفشل، لأن الفشل معناه اكتشاف طريقة خاطئة تتيح المجال لاكتشاف الطريقة الصحيحة.واذا لم تكن مستعدا لأن تكون على خطأ فإنك لن تاتي حتما بشيء أصيل. ويقول الكاتب الامريكي دنيس ويتلي Denis Waitley: "إن الفشل تأخير وليس هزيمة. إنه انعطافة مؤقتة وليس نهاية الطريق. إن الفشل شيء يمكن تجنبه إذا لم نقل شيئا و لم نفعل شيئا ولم نك شيئا". 

أنت ما عودت نفسك عليه

اذا اعتدت ان تسلك الطريق ذاته في كل يوم فإنك لن تر على الأرجح شيئا جديدا. ومن المؤكد انك ستكون كبقية الناس الذين يشاركونك الطريق نفسه. لن يلفت انتباهك شيء لأنك اعتدت على ما حولك. وحين تتشابه ايامك لن يقتصر الأمر على احساسك بالملل وليس ذلك فحسب فتكرار الفعل نفسه لن يجلب سوى نتائج مكررة. وأكثر ما يحبه الناس في السفر هو تغييرهم المكان الذي اعتادوا العيش فيه معظم ايام السنة. ومن عود نفسه على الاستكشاف وما لم يسبق تجربته سيكون أشبه بمن يسافر باستمرار وسيجد نفسه امام مائدة من الأفكار الجديدة.

الراحة عدوك

كل شيء فينا ينمو عندما نبتعد عن الراحة. عضلات جسمنا لا تنمو الا بالجهد الذي نبذله في قاعات التمرين. وعقولنا لا تنمو الا إذا حملناها أوزان القراءة والتفكير. ومعدتنا لا تشكرنا الا إذا حرمناها من بعض ما تشتهي النفس. والكثير من الموت المبكر يكون سببه الإفراط في الراحة وتجنب الحركة التي قد تنهك الجسد لكنها في الوقت نفسه تزيده قوة وصلابة وقدرة على التحمل. وبما أن اكثر الناس يميلون الى البقاء في منطقة الراحة ستجد التميز في الخروج منها.

لن تكون مثاليا أبداً

أن تكون إنسانا يعني أنك كائن تفتقد الى الكمال لذا لن تتمكن ابدا من بلوغ هذا الحد مهما بذلت من جهد. لذا لا تعطل نفسك بانتظار أمر لن يحصل. ولن تجد نتاجا انسانيا مهما علت جودته وارتفع ثمنه الا وفيه عيب أو شيء ينقصه. والتميز لا يعني الكمال بل الاختلاف في السعي لايجاد حلول وطرق لأشياء تعاني من النقص فلو كان كل شيء مثاليا وكاملا لما احتجنا الى اختراع واحد على الاطلاق.