عندما تفكر بالسوشيال ميديا عليك أن تدرك أن عواطفنا تشكل موردا ذا قيمة. لذا ينبغي على مصممي شبكات التواصل الاجتماعي مثل تويتر و فيس بوك أن يجعلوا عواطفنا واضحة وظاهرة للاخرين قدر الامكان.

وربما لاحظت أن أول سؤال تحييك به الصفحة هو (What’s in your mind?) او (ماذا يجول في خاطرك؟). وفي فبراير من عام 2016 طرحت فيسبوك ستة أنواع من ردود الفعل، لذلك بدلا عن مجرد ابداء الاعجاب بالاشياء التي ينشرها اصدقاؤك بات بوسعك ان تعبر عن رد فعلك باختيار القلب او الوجه الحزين أو الغاضب. وفي حينها قال مارك زوكربيرج: "ما يريد الناس فعله هو التعبير عن التعاطف". لكن هذا التعاطف تم توجيهه مرة أخرى الى مجموعة منفصلة من المشاعر التي لا حدود لها.

ومن المفارقات أنه في نفس السنة أطلقت شركة تدعى Hanson Robotics روبوت يدعى بيبر Pepper. وهذا النوع من الروبوتات تم تدريبه على التعرف على 62 سمة مختلفة لوجه و رقبة الانسان. وبينما كانت الروبوتات تتعلم 62 طريقة مختلفة للتعرف علينا وعلى العواطف لتي نحسها، سمحت لنا السوشيل ميديا ان نتعاطى مع ستة انواع من المشاعر.

وربما لاحظتم أنه في السوشيل ميديا مطلوب منا أن نجرب نوعين مختلفين من المشاعر وأحدهما يأتي بعد الآخر. وعلى سبيل المثال، قد ترى على التايم لاين ان ابن صديقك المفضل يلعب على السجادة وهذا من شأنه أن يبعث فيك شعورا بالدفء والبهجة. وربما يكون المنشور الذي يليه عن هزة أرضية أودت بحياة الالاف من الاشخاص.

ان الطريقة التي تم بها تنظيم التايم لاين والاخبار ليس فيها توافق او انسجام عاطفي على الاطلاق. وكثيرا ما تنقل ردود افعالنا من عاطفة الى أخرى بسرعة كبيرة. واعتقد ان من ميزات العصر الذي نعيشه هي التعامل مع التغيرات السريعة في حياتنا العاطفية حيث يخضع المشهد الداخلي للناس الى تبدل جذري من شعور الى اخر.

أن غاية اللعبة التي تمارسها وسائل التواصل الاجتماعي هي أن تجعلك تقضي اطول وقت ممكن على الموقع أو المنصة. والكثير من المواقع قد تم تصميمها لتشجيعك أن تبقى فيها وان ترجع اليها، ولأجل ذلك يقومون بخلق نوع من الخوارزميات الصغيرة التي تولد الإدمان. وفي تويتر على سبيل المثال هناك مهلة او تأخير قبل أن تتمكن من رؤية الاشعارات التي تحققت بفعل تغريدتك، وفي هذا لعب على رد فعل انساني اساسي وهو استعدادنا لانتظار رؤية شيء متنوع ومتغير.

ومن الاشياء التي تثير الدوبامين أو هرمون السعادة لدينا عندما يكون هناك نوع من المعلومات المتغيرة التي يمكن ان نرصدها، ومنها تلك اللحظة القصيرة من الاثارة التي نحسها ونحن نتحقق من بريدنا الالكتروني. كم ايميل وصلني؟ وكم اشعار؟ وهذه الوقفة الصغيرة التي اشرنا اليها في تويتر تشجع وتحفز احساس الترقب الذي تكون مكافأته عند رؤية الأرقام الفعلية.

وبهذه الطريقة تحاول السوشيال ميديا نوعا ما الاستفادة من أشياء اساسية جدا تتعلق بنظامنا الانساني العاطفي والنفسي.