«البعض ينشر السعادة أينما ذهب، والبعض الآخر يخلفها وراءه أينما ارتحل. »
جورج برنارد شو...  نحن نموت حين نُنسى...
 

 «نفسي تصورني كل يوم عشان لمّا أموت عشان يبقى عندكم صور ليا، تشوفوها وتنبسطوا » بهذه الكلمات لخصت ماما سناء أحلامها البسيطة في لقائها التلفزيوني الأول متحدثة عن خواطرها مع ابنها حمو شاكر اليوتبوبر الذي كان دخولهما بمحض الصدفة إلى عالم اليوتيوب والمحتوى. 

كان ما تمنته ماما سناء أن تخلد في ذاكرة أبنائها ، وأن تضيف إلى عمرها أعمارًا مديدةً بعد انقضاء عمرها، وأن تضيف صورها البهجة التي اعتادت هي أن تضيفها بنفسها إلى قلوب أولادها وأحاديثهم وجلساتهم، أن تستمر حياتها في قلوب بنيها، وأن تحضر في دعواتهم وصلواتهم وعقولهم ، فبالنسيان وحده نجعل أمواتنا أمواتًا، ويُكتب الخلود لمن دام ذكره واتصل أثره. 

رحلت صاحبة السعادة...

من هي ماما سناء:

هي سناء عبدالحميد، أم مصرية توفيت بالأمس عن عمر يناهز ال 61 عامًا، من مواليد محافظة القاهرة وعاشت في الظل أغلب حياتها في ظروف معيشية متوسطة لا تتجاوز اهتماماتها حدود بيتها الصغير وجيرانها الذين شهدوا له بحسن الخلق وحب الخير للجميع وخفة الدم التي قربتها من قلوب الكل.

وكان ابنها محمد الشهير ب " حمو شاكر " يجرب حظه كأغلب شباب هذه الأيام في مواقع التيك توك بفيديوهات صغيرة وبسيطة للمتابعين في وسطه وبين أصدقائه، وبدأ الأمر بقبيل الصدفة حين طلبت سناء عبدالحميد من ابنها قائلة له « صورني قبل ما أموت» فحمل حمو شاكر الشاب الذي كان يتسلى كأغلب جيله على موقع التيك توك واليوتيوب كاميرا هاتفه وطلب من زوجته أن تصوره مع أمه في فيديو بعنوان: «ماما سناء وتحدي العصير» لينتشر انتشار النار في الهشيم ويحقق ما يزيد على المليون مشاهدة ، لكم أن تتخيلوا!

https://bit.ly/3ehHzSl

ولم المرأة الريفية البسيطة أن تدخل قلوب الملايين دون استئذان، وأن تصبح نجمة يشار لها بالبنان في كل البيوت المصرية حين يعرفونها بماما سناء « أشهر أم في مصر» ، وبما أطلقوا عليها من ألقاب مثل « ضحكة مصر الحلوة » ، وأن يكتب الله لها القبول عند جميع الناس بأقل الإمكانيات دون كاميرات ودون سيناريوهات كوميدية معقدة ودون معدات تصوير متطورة. 

وتوالت بعد ذلك الفيديوهات البسيطة التي كان يظهر فيها حمو مع والدته يصورون بعض المواقف اليومية الاعتيادية، والتحديات الخفيفة الكوميدية التي كانت تشد أنظار المشاهدين وتضفي عليهم أجواء من الانبساط ، وتحسن مزاجهم العام في وسط ما نمر به من كوارث وابتلاءات.


قناة حمو شاكر وماما سناء على اليوتيوب: https://bit.ly/2BqbGbz

كيف تقتحم قلوب الملايين في دقائق...

بابتسامة حقيقية خالية من أي تكلف، وبوجه يظهر للناس ليقدم لهم ما في قلبه دون أي مساحيق أو تجميل وصلت ماما سناء إلى أفئدة الجميع وأحبها الكل وانتظروا ما تصنعه من فرحة افتقدناها طويلًا وما تحدثه من دفء تشعرك أنها أمك قبل أن تكون متحدثة  على الشاشة تخاطبك بمقام الأمومة بكل ما فيه من صدق وحنان وعطف، قروية جميلة نبتت من النيل فأحبها جمهورها من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال.. 

الفضاء الرقمي .. الفرصة متاحة للجميع 

رسخ مثال ماما سناء حقيقة الفضاء الواسع الذي أتاحته منصات كاليوتيوب والتيك توك، وما تقدمه من فرص للجميع ليعتلوا منصة النجومية ويرتقوا أعلى درجات الشهرة لينافسوا وبأقل الإمكانيات مشاهير التلفاز والسجادات الحمراء ، فبمحتوى بسيط وابتسامة من القلب أصبحت ماما سناء نجمة بكل حق وبكل ما تحمله الكلمة من معنى. 

رحمة الله تتغشاكي.. قد تحقق لك الخلود

وتحقق للأم البسيطة ما أرادت، وبات لديها الكثير من الصور والذكريات ليس في أذهان أبنائها فحسب، بل في أذهان الملايين من المتابعين والمحبين الذي دعوا لها بالرحمة وسترتبط في أذهانهم بالكثير من ذكريات الضحك والفرحة . 

رحم الله ماما سناء، وأدام ذكرها بين عبيده، رحم الله من غرست بذورًا للحب بين أشواك من العذاب التي عاشتها وشهدتها بلادنا والعالم، وكان غراسها شجرةً طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء كلها مودة وفرحة وجمال بطول القطر العربي بأكمله، فارقدي بسلام يا أمنا الحبيبة.